كلمة السيد نبيل قدومي



   المحتفى به الاستاذ الشاعر الاديب شربل بعيني..
   أيها الحضور الكريم..
   سمّي بشاعر الغربة، البعد، الشقاء، والغربة ليست عن الأهل إنها عن الوطن.
  سمّي بشاعر الغربة لأنه غريب عن بلده، في بلد يبعد أكثر من عشرين ألف كلم.
   سمّي بشاعر الغربة، لأنه يتذكر ويحلم بالعودة إلى أرض بلده، إلى جبالها الشامخة، إلى روابيها اليانعة الاخضرار.
   هذا هو شاعر الغربة الذي قرأت له شعراً منذ أن وطأت قدماي أرض هذه البلاد، في الصحف التي كانت تصدر في ذلك الوقت: صوت المغترب، التلغراف، النهار، الشرق الأوسط، والبيرق.
   كل الصحف العربية كتبت عن شاعر الغربة، صاحب الحنين الى الوطن. وذات يوم كنت أزور رئيس تحرير جريدة "صوت المغترب" الاستاذ رفيق غنوم، فرأيته منهمكاً في قصيدة، إنه موجود بيننا ويشهد على ذلك، فقلت له: ماذا تعمل يا استاذ غنّوم؟
قال: والله بدّي حطّ هالقصيده وظبطها، وبعدين بقعد وبشرب أنا وياك فنجان قهوة.
قلت: اللي بيظهر انو صاحب القصيدة بيعز عليك؟ تطلعت فقرأت اسمه.
قال: يا نبيل هذا يجب أن نشجعه لأنه فعلاً له مستقبل باهر.
   هذا الكلام منذ مطلع الثمانينات، ولكني قرأت شعره منذ عقدين ونصف، قبل أن ألتقي بالاستاذ غنوم. ومنذ ذلك اليوم وأنا أقرأ شعر الاستاذ شربل بعيني في جميع الصحف، وفي الكتب التي يصدرها.
   لقد رأيت في شعره تنويعاً كثيراً، ليس فقط عن الآداب ولا عن التعليم، وإنما عن الثورة. رأيت فيه ثورة إنسانية، ثورة حق للأطفال، للكبارـ للوطن، لكل ما يدور في حياة الانسان. إنه شاعر الغربة الثائر.
   عندما قام بملحمة شعرية هي "مناجاة علي" قلت في نفسي: هذا ابن البيت المسيحي ماذا يعرف عن الامام علي "كرم الله وجهه"؟ الذي هو عند المسلمين ابن عم الرسول محمد "صلعم"، وفي نفس الوقت قال عنه الرسول: "أنا مدينة العلم وعلي بابها". إنه فعلاً انسان يدرس فقه علي بن أبي طالب، ويجب أن يكون هذا الانسان قوياً، ويستحق التقدير. فمن كل قلبي أقدّر شربل بعيني.
   أما قصيدته، أو ملحمته الأخيرة "قرف"، أحب أن أعلق عليها. هذه هي الثورة في الواقع، ثورة شربل بعيني، كل ثورته وضعها في هذه القصيدة. 
   قرأتها أكثر من مرة، نعم إني أتفق مع بعض النقاد الذين قالوا إن فيها بعض الكلمات اللاذعة، وبعض الكلمات القوية الحادة، إني أتفق معهم، ولكن هل تتفقون ان حدة هذه الكلمات هي ليست أقوى من حدة احتلال بيروت عام 1982. 
   هل حدة كلمات قصيدة "قرف" أقوى من حدة اغتيال كمال جنبلاط ورينيه معوض؟.
   هل حدة قصيدة "قرف" أقوى من شخص المحامي الاستاذ محمود بيضون الذي قيلت هذه القصيدة بالمناسبة التي ودعناه فيها عندما غادر هذه البلاد الى الوطن، فلقد قضى خلف قضبان الزنازين عشرين عاماً. هذه هي حدة الكلمات في "قرف"؟.
   وإذا كانت حدة الكلمات بهذه الدرجة، فما رأيكم بشعوب مقتولة؟
   إني أهنىء شربل بعيني، وأقول إن الشعوب تحتاج إلى حدة أكثر من قصيدة "قرف".
   ايها الحفل الكريم..
   باسم دولة فلسطين، أحيي شاعرنا الكبير ختيار الشعراء، وشاب الشعراء، وعندما أقول ختيار كان ياسر عرفات رئيس دولة فلسطين يلقبونه بالختيار، وكان عمره 25 سنة، قائد ثورة، واني من شدة حبي لشربل القبه بختيار الشعراء ايضاً، فتحية لشربل.
   في هذا اليوم، يوم اليوبيل الفضي لشربل بعيني، يجب علينا ان نعتز بشاعر قدم للانسانية، للمجتمع، للعلم، للأدب، للشعر والشعراء مدة عقدين ونصف من التعب والعطاء. فإني أهنئك، وقبل أن أهنىء شربل، أهنىء والدته التي حملته تسعة أشهر في بطنها. أهنىء لبنان الكبير بشربل، فتحية لشربل باسم فلسطين.
   بهذه المناسبة الغالية، وعلى أمل أن نلتقي في يوم شربل بعيني الذهبي بعد 25 عاماً، في هذا المكان، أو في الوطن الغالي العزيز على شربل ان شاء الله.
   هناك هدية لشربل بعيني من دولة فلسطين، قررت أن أزوره في بيته، واقدمها له هناك، حتى تكون الصداقة وثيقة أكثر.. وإني سأغادر بمناسبة حفلة اعلان الاستقلال الفلسطيني كما أخبركم الدكتور بزي، لأنهم ينتظرونني لافتتاح هذه الحفلة. فاني اعتذر منكم جميعاً، واني اعتز بكم جميعاً، لأنكم جئتم لتحتفلوا بإنسان فإن دل ذلك فإنه يدل على انكم تحبون شربل بعيني من قلوبكم. وشكرا لكم ولاصغائكم.
**