لست بالأديب لأقيّم شاعراً كشربل بعيني أمضى ربع قرن من الزمن في النتاج الأدبي، فأغنى المكتبة العربية المهجرية بروائع شعره، لذا تراني أستعين بأقلام الأدباء الذين كتبوا عنه، ووجدت في كتاباتهم انصافاً للشاعر والقارىء على السواء.
كلمات الشاعر شربل فيها نسغ عبادة، رددها وأطلقها الى كل قلب ليغنّي في مواسم الربيع.
تسمع في شعره صوت الإزميل المتدفق بحنان ولهف.
في صوت الازميل يحيل كتلة الغربة ومآسيها الى ترنيمة عشق، تتكلم في صمت.
في شعره قطرات ندية من رحيق توزّع وتجسد قصيدة مضاءة ذات هندسة خطتها أنفاس الشاعر وهي تلهج بالحوار.
الشعر عنده لا موسم له، لا آنانية في أبعاده ومناخه.
الشعر عنده نفحة من سماوات، أو نبض من زلازل، أو رجفة تمجدها أمواج البحر على شفاه المنارة التي تشقى لتهدي وتشارك.
قصائده ليست ظاهرة فنيّة تمر بلا غيث، ولا وابل من لظى وحسب، بل هي حقيقة ملموسة تنقد وتتهجّم وتصارح وتفضح دون تشتيت وغموض.
انه يكتب هموم الجبل والسفح والوادي، وهو يستجيب لكل المؤثرات بفاعلية وتميّز، يفحص كل حدث، ويوجز كل خبر بإشراقة الانسان الواعي وإشراقة المتفائل.
هذا غيض من فيض يا شربل.. فالأقلام الثائرة الناقدة بهدف التصحيح هو ما نحتاجه في زمننا هذا.. فإلى مزيد من العطاء المستمر، طامعين إلى يوبيل ذهبي يكون به عصرنا الذهبي قد بدأ، وتصبح الحرية في بلادي كالخبز الذي نأكل والهواء الذي نتنشق.
لوحة جلدية:
بمعول فلاح وزنود عامل، ببندقية جندي وحربة مقاوم، ومع هؤلاء أم عطوف تحمل أطفال المستقبل.
وهناك على التلة تحت سنديانة عتيقة عجوز يستريح من عناء الماضي، جذوره ممتدة إلى الأعماق متشعبة بالأرض.
وعلى السفح الآخر أرزنا الخالد خلود الدهر، باسق حتى حدود الشمس.
وبين أولئك يقف شاعرنا شربل بعيني بيوبيله الفضي.
إنها لوحة جلدية صاغتها أنامل الفنان علي حبيب، ويقدمها للشاعر الدكتور خليل مصطفى رئيس جمعية أبناء بنت جبيل ممثلاً النوادي والجمعيات المشرفة على هذا المهرجان.
يوبيل شربل بعيني الفضي 1993
**